قالوا للشجرة
"تمضين عمركِ في العطاء،
ولا تملّين ولا تتعبين
ولا تشترطين
لو فَعَلنا خيراً نحنُ البشرُ،
لو وهبنا من المالِ ليرةً،
لو أعطينا من الخبزِ كسرةً،
نصوّرها على وسائل الإعلامِ
حتى تسمعها آذان الأرضِ،
وتنثرها قنوات الفضاءْ.
كيف؟ كيف تقدرين يا سيدة الوفاء؟ ".
فقالت الشجرةُ:
" لستُ في فعلِ العطاء وحدي.
بل أستمد من الأرض قُوْتي،
ومن المطر ماءْ.
تهبني الشمسُ سرَّ طاقتِها،
فأجبلُ من عناصر الطبيعة غذاء
لو نضبت الأرض من ثرائِها،
لو حرمتني الغيوم ماءَها،
لو أرخت الشمسُ أمامي ستائرها،
بقي في روحي عشقُ الإحسانِ،
وخارَ جسدُ السخاءْ.
لا روح تعطي من دون أن تأخذ
ولا روح تأخذ،
ما لم يكن بعد فعلِ الأخذِ عطاء
سلوا البحر
كيف يهبَ للعلوِّ غيمتَه
سلوا الغيم
كيف ينزل على الجبالِ ثلجاً
وتكرج السواقي مثل طفلٍ يلعبُ
ليعيد إلى البحرِ ماءْ
لا.. لستُ أنا في فعل العطاء وحدي
واجبٌ ذاك الذي أفعله
وشتّان ما بين واجبٍ ووفاء"
**