مَمْلَكَةُ النَّدَى
تَعَثّرَتِ الرّيحُ في لغتي
بعثرتْ منّي الكلامَ
تخاطفَتْهُ مخالبُ الصّدى
وكانَتْ خُطاي قد ضيّعتْني
تاهَ منّي الحنينُ
وترامَتْ على لهفتي مناقيرُ السّراب
راحَ ظلّي يركضُ
في براري وحدتي
يلملمُ مِنْ حضنِ المدى
تجاعيدَ قامتي الخائرةِ
يجمعُ مِنْ ثغرِ التُّرابِ
خطواتِ موتي العطشى
لدروبٍ تُفْضِي لِترحالي
ورقةُ التّوتِ في قصيدتي تعرَّتْ
باحَتْ بدموعِ أسمالِ الرّؤى
وتكشّّفَ رمادُ النّدى
في بحّةِ الأنداءِ السّقيمةِ
الجرحُ يتلظّى بملحِ المرارةِ
الأرضُ تثغو لنارِ الخيبةِ
في ارتجافِ غربةِ المعنى
يرتطمُ بي حائطُ الوقتِ
يسألُني عن عمرِ التّنهيدةِ
يجيبُ عنّي السّدى السّرمديُّ
غبارُ الذّكرباتِ يدقُّ لي
أعمدةَ السّديمِ
لأعلّقَ عليها جثثَ المسافاتِ
القاتمةِ
في فضاءِ صمتي
تتآمرُ عليَّ الظّنونُ
تريدُ أحشاءَ ينابيعي
ينكرُني الماءُ الموزّعُ
على عشبِ لُهاثي
حينَ يقطرُ خراباً
فوقَ وميضِ اشتهائي
أسابقُ أجنحةَ الهاويةِ
أعدو صوبَ تلالِ الغيومِ
لي شفقٌ هناكَ
سأدثّرُهُ بأعطافِ هواجسي
وأزيلُ الموتَ عن يباسِ الضُّحى
أضحكُ من قهرٍ تخلّصْتُ منهُ
ومن صحراءِ الجنونِ
أدخلُ مدينةَ الرّغباتِ
من بابِها المكسوِّ بالجلالِ
مدينةُ الأصداءِ والعُلا
تموجُ بسنابلِ البذخِ
أرضُها راحةُ اللهِ الدافئةُ
أمطارُها حليبُ المنِّ والسّلوى
جدرانُها ستائرُ الهمسِ
سكّانُها شذى الزّيزفون
مملكةُ النّدى والسلامِ
عاصمةُ البهاءِ
طاهرةُ الأرجاءِ
تتوسّطُها قلعةُ الضّياء
هي كلُّ الأسماء
حلب الشّهباء
**