recent
أخبار ساخنة

لقائي مع الدهر !

الحجم
محتويات المقال

 لقائي مع الدهر !




كنتُ أقرأ صفحات الزمن
على خطوط الطبيعة قرب ذاك الغدير
تنسلُّ مياهه بين الحجارة الصغيرة
مثل أسلاك فضِّية تلمع تحت الشمس.
قرأتُ على صفحة الجَوْ حروفاً
يلفَُها رداء الظل ورداء النور.
وقد نمَّقت الدموع عيوني مثلما
يُقبِّل الندى وريقات البيلسان.

وأنا في ذاك الوادي الرهيب تجسَّد أمامي خيال انسان بِهيبة جليلة وكأنَّه آتٍ من عصور فائتة
وقال لي بِصوتٍ يُحاكي دهراً من خلود النابغين:
— سلامٌ على أديبة وشاعرة العصر الحديث !
رجفَتْ أوصالي هلعاً وفرحاً وانتابني ما يشبه الإستغراب والدهشة !
— ما مُراد الدهر مني ؟
لماذا أتيتَ حيث يرتاع فِكري
من هيبة مكاني ؟
أُنظُر الى ما يحدث في أرضي
في وادي رزقي ورزق أولادي!!
إذهَبْ عني واقتنصْ مِمَنْ
داس ويدوس على أرض مولدي
ومَنْ يعبث في الأرض فسادا!
أتركني يا دهر وانصرِفْ عني!

دعني أرشفُ من دموعي الحارة
شراباً وأتنشق من حزني نسيماً
ربما يتحوّل عليلاً !
ما أنا سوى شاعرة ترعى حروفها
مثل راعٍ يحمل نايه يراقص
أغنامه على لحنه الحزين .

نظرني الدهر بنظرة أبٍ حنون
بعد أن أخفى حُزنَ تجاعيد وجهه
بين طيَّات العُمر ثم
نفض عن ثَوبٍ من أثوابه
غُبار الأرض وشلحهُ على كتفَي ،
شعرتُ بِقبضة دهرية ومحبة
أبدية تسري بين أوردة
حياتي الشاعرية !
وهمسَ في أُذُني:

— أنا والعدل أقنومان في حياتك
لا تيأسي !
في مصافي زماني محبة
لا تنقسم ولا تتغيّر لأنها
واحدة منذ الأزل.

وهبَّت نسائم رقيقة على خدودي
أزاحت كل هَمٍّ وغَمٍّ عن روحي.
استبشرتُ خيراً لِمآتي
الغد في أرضي .
وقبل أن يختفي من أمامي
هزَّني من أعماقي
وقال لي :
— دائماً حرِّكي يدي يا ابنة الأنبياء
يا ابنة الشِعر وحليفة الشعراء
يا ابنة الطبيعة والحياة!

لمستُ يده العريقة ودمعي
يستقطر لآلئ عيونه الجليلة!
واختفى من أمامي كما
يختفي البرق بِومضة سريعة.

كنتُ خائفة منه في البدء
وبعد نظرته العميقة
استراح له قلبي .
ودمعت لِرحيلِه عيوني
لوَّحتُ له بِيدي الصغيرة
وأنا أناديه في عمقي:

يا أيها الدهر

هل من لقاءٍ آخر

قبل أن تنتهي فُسحتي؟؟

**

بقلم الشاعرة / غريتا بربارة

google-playkhamsatmostaqltradent