recent
أخبار ساخنة

ثمرة الزقوم * للأستاذ / أحمد انعنيعة

الحجم
محتويات المقال

 ثمرة الزقوم




تبدو الحياة في هذا العالم أحيانا أمرا مضحكا .. فكلما غرقت في عزلة ، أحسست أني أعيش منفصلاً عن كل شيء .. كأني ناسك عجوز لا يرى في صلاته أي ملاك ولو كان لمعان تقواه عظيما من الصباح إلى المساء .. فبدأت أنكر كل الشهوات التي تبعدني عن منافع الناس لأهرب من كل خطاباتهم اللاذعة أمام العلن ومناقشاتهم العبثية خلف الكواليس .. لكن ، كلما ابتعدت عنهم ، قرروا معاودة الاتصال بي ليصبح هروبي أطول .. واليوم ، أخاف أن ينتهي بي الأمر إلى الضياع في دوامات نهر المياه العديمة .. وهو ما زج بي إلى اللجوء إلى السماء العذبة والبحث عن النسيان في كل العواصف أو التحول إلى عابر سبيل بين كل المحظورات لئلا أصبح متجذرا في المحرمات وأنا أواجه شروق الشمس قبل ظهور ظلي .. لأن أشعة الشفق تدعوني دوما لرحلات أخرى تمكنني من استعادة خطواتي الأولى .. فأنا لن أباشرك يوما بإبتسامة مقنعة وإن كنت قد فقدت كل شيء : ميدالية منسية في نعش من الرمال ..
إن شر الصديق أحيانا لأكثر عنفًا من سم ثعبان .. يصبح أكثر جشعًا من شر الأزمنة وهو يدفن النفاق في أمعاءه بجنون العظمة ويرسم سطره الأخير .. كم مرة حاولت نسيانه وأنا أقلب كل الصفحات المملة .. لكن كل الحالات كانت متشابهة في قاع خزانته .. وبقيت نكساتي دوما إلى الوراء بصبغات كئيبة .. كنت أحيانا أكلمه لعله يعوده إلى رشده قائلا له :
لماذا تردد الآيات نفسها وراء زيف الشاشات وتتبعني في هذا الزخم الزائف .. لماذا تنظر إلى الأمام دوما بنفس الإيماءات وأنت تحاول كسر كل الأسس لإعادة بناء كل الأسس .. فكيف إذن تعيد إلينا كل شيء على طريقة مذابح الطقوس القديمة وأنت لم تعد تتذكر آخر طريق سلكته لسنوات مضت .. إن العالم أصبح لديك معتمًا ومكانك في هذه الحياة أصبح غير منتظم .. لذا ، أنصحك أن تبحث لك عن أفضل طريقة تساعدك على الخروج من لعبة متاهات الطرق المسدودة فائزا .. ولا تدمر كل أدواتك للعثور على رسم آخر .. استمر في كتابة مسودتك .. فكم كلمة كانت منسية وأصبحت قابلة للترجمة .. وكم مقطع لفظي كان تائها في أرض القمامة وتحول إلى رسالة .. استعد كل صفحاتك ولا تمزق كل شيء .. استعد خطواتك وارفع ستائرك لتهوية مسارك .. إن قماشك لم يكتمل بعد .. ولا تتركني أحدق في كل من وقف بجانبي ولو باحترام ..
**

للأستاذ / أحمد انعنيعة

google-playkhamsatmostaqltradent