من هو حجازي محمد يوسف شريف
اشتَهَر بكنيته أبي إسحاقَ الحُوَينيّ (1375- 1446 هـ/ 1956- 2025 م) هو عالم ومحدِّث سنِّي مصري ، وداعية مؤثِّر ، يُعَدُّ من أبرز شيوخ السلفية في مصر ، وله عِدَّةُ مؤلفاتٍ وتحقيقات ، وتأثر بالشيخ المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني .
كان يخطُب جمعتين في الشهر بمسجد شيخ الإسلام في مسقط رأسه ، وله برنامج أسبوعي في قناة الناس بعنوان « فضفضة » ، وفي قناة الرحمة ، وقناة الندى التي أشرف عليها .
اسمه ومولده
هو حِجازي بن محمد بن يوسف بن شريف ؛ أبو إسحاق الحويني ، الأثري المِصري موطنًا ومولدًا ونشأةً .
وقد سمَّاه والدُه حجازي عند عودته من أداءِ فريضة الحج ؛ من بلاد الحجاز .
تَكنَّى في مطلع طلبه للعلم ( بأبي الفضل ) لتعلقه بالحافظ ابن حجر ، ثم ارتبط بكتب أبي إسحاق الشاطبي ، فحُبِّبَت إليه كنيتُه ، وتعلق بها لما علم أنها للصحابي الجليل سعد بن أبي وقَّاص ؛ فعُرفَ واشتَهَر بعد ذلك بين الناس بأبي إسحاق الحويني .
( وأما الأثري ) ؛ فهو المشتغل بعلم الحديث والأثر ، والمتَّبع في عقيدته ومنهجه لِما صحَّ منها ، وما أُثر عن السلف الصالح منها .
وقد عُرِف بها الحُوَيني ؛ إذ كان يكتبها على أغلفة مؤلفاته الأولى ، ثم تركها تخفيفًا ، وخشية أن يُظنَّ أن ذكرها للتفاخُر أو تزكية النفس ، وإن كان ذكرُها على سبيل الإخبار لا إشكالَ فيه .
وُلِد أبو إسحاق الحُوَيني يوم الأحد غُرَّة ذي القَعْدة عام 1375هـ الموافق 10 يونيو 1956م ، في قرية حُوَين بمحافظة كفر الشيخ بمصر ، وتبعُد القرية عن عاصمة المحافظة نحو 13 كيلومترًا ، وفيها نشأ .
نشأته وتحصيله
نشأ في أسرة من الطبقة المتوسطة تشتغل بالزراعة ، وتنقَّل بين قرى كفر الشيخ أيام دراسته الابتدائية والمتوسطة حتى السنةِ الأخيرة من المرحلة الثانوية ؛ إذ ارتحل إلى العاصمة القاهرة ليبقى مع أخيه ، وبدأ هناك بحضور محاضرات الشيخ عبد الحميد كشك .
التحقَ بجامعة عين شمس في كلية الألسُن قسم اللغة الإسبانية .
يقول الحويني : إن دراسته لكتاب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ( السلسلة الضعيفة ) مدَّة سنتين أيام دراسته الجامعية كانت أعظمَ فائدةً من كل سِني التحصيل العلمي الأُخرى . وكان يعمل في ( بقالة ) صغيرة نهارًا ويسهر ليلًا على مطالعة كتب الشيخ الألباني ، ومع ذلك كان الأولَ على صفِّ اللغة الإسبانية .
وسبب التحاقه بقسم اللغة الإسبانية هو رغبته في « أن يتساوى مع الطلَّاب ويتفوَّق عليهم » ، وكان الأولَ دائمًا على زملائه حتى السنة الأخيرة ، وتخرَّجَ بترتيب امتياز ، وحصل على بعثة دراسية لاستكمال تعليمه في إسبانيا ، لكنه لم يستمرَّ طويلًا لكرهه المعيشة هناك .
كان لقراءته كتبَ الشيخ الألباني أثرٌ كبير في نفسه ، ودافع له إلى المزيد من القراءة في علم الحديث . ودرس على يد الشيخ محمد نجيب المُطيعي حتى تعرَّض للاعتقال ، وبعد خروجه مضى إلى السودان ومنها إلى السعودية . وذهب إلى الأردن وقضى شهرًا في صحبة الشيخ الألباني ، ثم عاد إلى السعودية والتقى الشيخَ صالح آل الشيخ ، والشيخ ابن عثيمين ، وتردَّد إلى المساجد والمجالس العلمية التي يقيمها العلماء والمشايخ .
طلبه العلم
تعلَّق الحويني منذ صِغره باللغة العربية وآدابها ، فكان يقرأ القصصَ الأدبية مثل « النظرات » و« العبَرات » لمصطفى لطفي المنفلوطي ، و« شارع الذكريات » لجليل البنداري . ثم أقبل على كتب مصطفى صادق الرافعي ، ومحمود شاكر الذي تأثَّر به جدًّا ، وقرأ أيضًا لعباس محمود العقاد ، وتوفيق الحكيم ، ويحيى حقي صاحب رواية « قنديل أم هاشم » ولغيرهم .
ثم أقبلَ على الشِّعر بنهَمٍ فقرأ أشعار البارودي ، وأحمد شوقي ، وحافظ إبراهيم ، وعلي الجارم ، ومحمود حسن إسماعيل وغيرهم . وكان البارودي مُحَبَّبًا إليه ، فهو الذي غرس في قلبِه بذرة تذوُّق الشعر ، ويرى الحويني أنه يستحق لقبَ " متنبي العصر ".
ثم تعلَّق بكتب العلم الشرعي ، فبدأت رحلته الحقيقية في طلب العلم . كان يَسعى جاهدًا في تفريغ وقتِه للعلم ، فأخذ القرآن عن خاله عبد الحي زيَّان وكان متقنًا للقراءات ثم أقبل بكليته على علم الحديث الشريف ، وكتب السنَّة .
رحلاته إلى الألباني
للحُوَيني رحلتان مشهورتان إلى للشيخ المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني ، الأولى في شهر المحرَّم سنة 1407هـ ، والثانية في شهر ذي الحِجَّة سنة 1410هـ. وفيهما ألقى عشرات المسائل على الشيخ الألباني ، في علوم الحديث والجرح والتعديل وغيره ، وقد ذكر أنه سأل الألباني قرابة مئتي سؤال في علل الحديث فقط . وكانت له مع الألباني سؤالات أُخرى في علوم الشريعة ، وبعض الأسئلة في حُكم البرلمانات المعاصرة ، والأحزاب.
مشايخه
عبد العزيز بن باز ، حضر دروسه بالجامع الكبير والمسجد الذي كان بجوار بيته بمدينة جُدَّة .
محمد بن صالح العثيمين ، حضر دروسه بالمسجد الحرام .
محمد ناصر الدين الألباني ، وهو أقرب مشايخه إلى قلبه ، وقد تَلْمَذ على يده وتأثَّر بكتبه وتحقيقاته الحديثية .
عبد الله بن قعود ، حضر عنده شرح كتاب « البرهان في أصول الفقه » لإمام الحرمين الجُوَيني ، وكان القارئ يومئذٍ الشيخ صالح آل الشيخ .
عبد الله بن جبرين .
عبد الحي زيان ( خاله ) ، أخذ عنه القرآن الكريم وتجويده .
محمد نجيب المُطيعي ، أخذ عنه أصول الفقه ، وأصول علم الحديث ، ودرس عليه ما تيسَّر من « صحيح البخاري » ، و« المجموع للنووي » في الفقه الشافعي ، و« الأشباه والنظائر » للسُّيوطي ، و« إحياء علوم الدين » للغزالي .
عبد الفتاح الجزَّار ، أخذ عنه اللغة العربية ، وكان الحويني بعدما اشتَهَر بين الناس إذا رأى أستاذه الجزَّار في المسجد سارع إليه وقدَّمه لإلقاء كلمة ، وكان الشيخ يُجِلُّه ويُثني عليه كثيرًا .
تَلْمَذ في الجامع الأزهر لجماعة من أساتذة العلوم الشرعية المختلفة ، منهم الدكتور موسى شاهين لاشين الذي كان رئيسًا لقسم الحديث في كلية أصول الدين جامعة الأزهر .
تلقَّى العلم على كثير من العلماء ممَّن لقيهم في مصر وغيرها من البلدان ، في رحلاته الدعوية ولأداء المناسك .
ثناء العلماء عليه
أثنى على الحويني جماعةٌ من أهل العلم والفضل منهم :
أثنى عليه شيخه الألباني حين قال له : « صَحَّ لك ما لم يصحَّ لغيرك » . وأثنى عليه في مواضعَ متفرقةٍ من كتبه ، ووصفه بصديقنا الفاضل ، وأثنى على كتابه « غَوث المَكدُود » فقال في « السلسلة الصحيحة » 5/ 586 : ونبَّهَ على ذلك صديقُنا الفاضل أبو إسحاق الحويني في كتابه القيِّم : « غوث المكدود في تخريج مُنتقى ابن الجارود » وقد أهدى إليَّ الجزء الأول منه جزاه الله خيرًا . وذكر الشيخ الألباني أيضًا : أنه من إخوانه الأقوياء في علم الحديث ، كما في « السلسلة الصحيحة » 2/ 720 .
أوصى به الشيخ عبد العزيز الراجحي ، حين سأله سائل : على مَن أطلب العلم في مصر ؟ فأجابه : « على أبي إسحاق الحويني ، الشيخ أبو إسحاق مُحدِّث ، من علماء الحديث » .
شهد بعلمه الشيخ مشهور حسن آل سلمان قائلًا : « أشهد الله أن أبا إسحاق من علماء الحديث ، ومن أهل الحديث الراسخين فيه ، ولم أرَ شيخنا الألباني فرِحًا بأحدٍ كما رأيتُه فرحًا بقدوم الشيخ أبي إسحاق . ومجالسُهُ مع الشيخ الألباني محفوظة ، تُنبِئُ عن علمٍ غزير ، بل عن تدقيقٍ قلَّ أن يصلَ إليه أحد » .
قال الشيخ أحمد النقيب عنه : « الشيخ أبو إسحاق في جملة واحدة : يعيش بالدين ، وللدين ، وفي الدين ، وليس له همٌّ إلا الدين » .
بيَّن رفيقُ دربه في الدعوة الشيخ محمد حسين يعقوب أثره بقوله : « ما أحرقَ أهلَ البدع إذا سمعوا اسمَك ، وما أشدَّ ألمَ أهل السنَّة إذا غابَ رسمُك ، أنا والحويني أمَّة واحدة » .
أثنى عليه من مشايخه وأقرانه وتلامذته ، جمٌّ كثير يطول المقام جِدًّا بذكرهم .