ياهاجرا
يا هاجراً أمْسِي بهِ يتالّقُ
واليومَ ذاكَ الْملْتقى يتفرّقُ
واليومَ ذاكَ الدّفْءُ أضْحى جمْرُهُ
بينَ التّرائبِ زمْهريراً يَخْنقُ
جاءَ الفراقُ ولوعتي تُذْكى بهِ
مَنْ كانَ لي في الْقلْبِ نوراً يشْرقُ
يا ناكئاً جُرْحَ الرّحيلِ بليلةٍ
بدمِ الْجوى أضْحتْ جِراحي تنْطقُ
قلْ لي متى يأتي هواكَ مداوياً
تلْكَ الْكُروبَ كلومُها تتعمّقُ
لو أنْتَ مِنْ نارِ الْهوى لا تشْتكي
لِلِقاكَ كلُّ جوانحي تتحرّقُ
أشْتاقُ مِنْ روضِ الْأماني ورْدةً
مبْتلّةً عُنّابُها يَتَرَونقُ
فلعلَّ ثغْري مِنْ نميرِكَ يرْتوي
ولعلَّ قلْبي مِنْ أريجِكَ ينْشقُ
ولعلّ عيني مِنْ جمالِكَ تقْتني
ولعلّ أذْني من رنيمكَ تُرْتقُ
قدْ كنْتَ عنّي غافلاً يومَ النّوى
وإليكَ رغْمَ تألّمي أتشوّقُ
لو جاءَ دمْعي في اللّقاءِ معاتباً
لسَلا ذنوبَكَ عنْدما تترقَّقُ
وسقى رحيقُ لَماكَ كأْسَ صبابتي
فسرى رضابُكَ في الْفؤادِ يصفّقُ
دعْني أشمُّ الضّوعَ في الرّوضِ الْجني
فالْورْدُ يزْهو كلّما يُستنْشقُ
كمْ قُبْلةً حقُّ الْهوى يا مغْنمي
بالْخمْسِ دعْ شفتيكَ لي تتصدّقُ
فالْقلْبُ ليسَ يشيبُ ما ذاقَ الْهوى
حتّى ولو شابَ اللّحى والْمفْرِقُ
ما الْعمْرُ إلاّ في الْقلوبِ صدى النّهى
فدعِ الْوصالَ مع الْأماني يورقُ
ونثرْتُ أشْعاري على بحْرِ الصَّبا
فلعلّها ترْسو ويرْسو الزّورقُ
خذْ زورقي شِعْري لقلْبكَ لمْ يقلْ
في بحْرِ وصْلكَ علّني لا أغْرقُ
يا صاحِ أضْناني هواكَ أما ترى
كمْ قدْ غزا غرباً بروحي المشْرقُ
ياربِّ قدْ شفّ الْهوى لوعُ النوى
والْقلْبُ ضاوٍ بعْدكمْ لا يخْفقُ